مذكــــــرة مطــــــــــلبية مستعـــــــــــــجلة حول الوضع الصحي بجهة درعة تافيلالت
تقـــــــديم
تعيش جهة درعة تافيلالت أوضاعا مزرية على كافة المستويات، بسبب النقص الحاد في البنيات التحتية والخدمات والموارد البشرية المؤهلة، وهي أوضاع تغذي واقع التهميش والفقر والإقصاء والعزلة بهذه الجهة، حيث معدلات الفقر والهشاشة مستمرة في الارتفاع، وتراجع الخدمات في مختلف القطاعات جودة و تنوعا، أضحى السمة المميزة لواقع درعة تافيلالت، وقد انعكس ذلك سلبا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من خلال عدة مؤشرات، من قبيل معدل البطالة المرتفع، ركود القطاعات الأساسية في اقتصاد الجهة كالفلاحة والسياحة و السينما، ضعف وتيرة تشغيل الشباب وإدماجهم في الحياة الاقتصادية، ضعف الإدماج الاقتصادي للفئات الفقيرة و المعوزة، ارتفاع العجز السوسيو اقتصادي والتراجع الملحوظ على مستوى الحقوق الاجتماعية. وفي الموضوع، فجهة درعة تافيلالت تسجل تغطية صحية تقدر رسميا بطبيب واحد لكل 5129 نسمة وممرض واحد لكل 1244 نسمة، وهي أرقام دون المستوى ودون المعدل الوطني، علما أن المغرب يصنف ضمن الدول الأسوأ في مجال الرعاية الصحية. جهة درعة تافيلالت لازالت ذاكرتها الجماعية تختزن فواجع وويلات ضعف العرض الصحي ، من خلال مآسي تجاوز هولها البعد الوطني من قبيل مأساة الطفلة البريئة "إيديا" التي كشفت فاجعتها عن فشل المنظومة الصحية بالجهة في أبسط خدماتها، و لم تكف كل الصرخات والضحايا لتغيير الوضع الصحي بكامل تراب الجهة، الوضع الذي يعرف تدنيا متزايدا حيث تحرم المواطنات ويحرم المواطنون من حقهم في الرعاية الصحية بشكل جيد و عادل ومنصف، ويحرمون من حقهم في الولوج إلى الخدمات الصحية التي تضمنها الاتفاقيات والإعلانات والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي صادق عليها المغرب، و كرستها تشريعاته الوطنية وعلى رأسها الدستور المغربي. إن جهة درعة تافيلالت بشساعتها و تعداد ساكنتها، لا تتوفر على مستشفى جامعي و تفتقر لمستشفى جهوي بالمعايير المعمول بها وطنيا على الأقل ، كما ان المستشفيات الإقليمية لا ترقى إلى تقديم الخدمات المطلوبة بجكم النقص الحاد في الأطر الطبية وشبه الطبية و الإدارية، والنقص الواضح و الحاد في التجهيزات واللوجستيك والنقل، إلى ذلك فإن السلطات الصحية لا تتوفر على رؤية ومخطط للنهوض بالأوضاع الصحية لساكنة تئن تحت وطأة الفقر والتهميش، فبدلا من السعي إلى توسيع دائرة الخدمات الصحية و تنويعها لجأت هذه السلطات -على سبيل المثال لا الحصر- إلى إغلاق مستوصفات القرب والتي على علتها، كانت تؤدي وظائف أساسية لا يمكن الاستغناء عنها خاصة في جهة مترامية الأطراف و ذات طابع قروي. وقد تفاقمت هذه الأوضاع مع ظهور جائحة كورونا والتي ضاعفت من حدة الأزمة على المستوى الاقتصادي والإجتماعي والصحي، ذلك أن الحجر الصحي المفروض على السكان، أثر بشكل كبير على دخل مختلف الفئات خاصة الهشة منها. ورغم تدخل الدولة لدعم هذه الفئات، فإن مختلف الأنشطة الاقتصادية قد تضررت بشكل كبير مما ينذر بتفاقم الأوضاع في القادم من الأيام. وعلى المستوى الصحي فان المرحلة الأولى من تفشي الوباء، كان متحكما فيها نسبيا و لم تسجل سوى إصابات محدودة و مقدور على تحملها. غير أن المرحلة الثانية تدعو للقلق الشديد وطنيا وجهويا، بفعل الارتفاع الكبير لعدد الإصابات والوفيات والحالات الحرجة، مقابل العجز الكبير للمنظومة الصحية على مستوى البنيات الإستقبالية والتجهيزات والموارد البشرية. مما يدعونا جميعا إلى التصدي للوباء بالجدية اللازمة، مع ما يفرضه ذلك من الرفع من عدد الأطقم الطبية والتمريضية والتقنية، إضافة للتجهيزات الضرورية خاصة في أقسام الإنعاش والمستعجلات والمختبرات، والتحلي بروح اليقظة وتجنيد كافة الطاقات لمواجهة خطر الجائحة. وإذ نؤكد على أن مواجهة هذه الأوضاع مسؤولية مشتركة بين مختلف المتدخلين، فإننا نشدد التأكيد على ضرورة اليقظة العالية وعدم التراخي واللامبالاة تفاديا لما لا تحمد عقباه من نتائج وانعكاسات سلبية على الساكنة والمجال. وتأسيسا على كل ما سبق، فإننا نشطاء درعة تافيلالت المشار إليهم أدناه، من فعاليات و منظمات المجتمع المدني، إذ نعبر عن قلقنا لما آلت إليه الأوضاع الصحية بالجهة و ما تنذر به من تأزم خطير، ندعو الحكومة و السلطات الصحية وطنيا وجهويا وإقليما، كما ندعو الهيئات المنتخبة والسلطات العمومية إلى التدخل العاجل لإنقاذ ساكنة الجهة من الخطر الذي يهددهم بقطاع حيوي و لا يحتمل أي تسويف في ارتباطه بالحق في الحياة، وذلك باتخاذ الإجراءات والتدابير التالية :
أولا :على المدى القريب وبصورة استعجالية
1. نظرا لوضع جهة درعة تافيلالت كمنطقة عبور للأطر الطبية والتمريضية و التقنية، فإننا نطالب بتجاوز هذا الوضع ، من خلال ضمان استقرار بنيات الجهة بتزويدها بالموارد البشرية الكافية وسد الخصاص الحاصل في جميع التخصصات الطبية والتمريضية و التقنية، وتخليق المرفق الصحي بفرض الحضور الفعلي والمداومة المنتظمة للموظفين والأطر و تقييم كفاءتهم و إنتاجيتهم.
2. تقنين الشراكة مع القطاع الخاص في التخصصات التي لا تتوفر بالمستشفيات العمومية، لتيسير ولوج و استفادة الفئات الهشة و الحاصلة على بطاقة المساعدة الطبية RAMED منها.
3. إقامة مستشفيات ميدانية بكل من الريصاني وإقليم ورزازات باعتبارها مناطق موبوءة، واعتماد نفس الإجراء بكافة أقاليم الجهة تبعا لمستجدات وتفاقم الحالة الوبائية.
4. تعزيز المستشفيات بوحدات الإنعاش وتمكينها من التجهيزات والموارد البشرية الكافية.
5. تكثيف عمليات الفحص والتحاليل والإسراع بالكشف عن نتائج التحاليل الخاصة بجائحة كورونا، وتجويد تتبع المرضى الذين يعالجون بمنازلهم، وتقليص مدة انتظار الحالات المرضية لتفادي تزايد عدد الحالات الحرجة والخطيرة.
6. تحسين شروط الاستقبال بالمستشفيات ومحاربة كل أشكال الزبونية والمحسوبية والحفاظ على كرامة المواطنين وضمان حقهم في الولوج إلى الخدمات الصحية بشكل عادل ومنصف.
7. الفتح الفوري للمستوصفات والمراكز الصحية المغلقة وضمان استمرارية الخدمات الأساسية كالتلقيح وصحة الطفل والأم وتوفير شروط الوقاية من الجائحة.
8. تحفيز الأطر الطبية والتمريضية والتقنية والإدارية والاعتناء بهم نظير ما يقدمونه من خدمات خلال هذه الجائحة بتمتيعهم بأقصى شروط الحماية والسلامة لأداء واجبهم.
9. تقوية أسطول النقل الصحي وتطويره بما في ذلك المروحيات، مع توزيع هذا الأسطول بشكل عادل ليشمل كافة تراب الجهة ويلائم المناطق النائية التي تعاني من العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي خاصة خلال فصل الشتاء.
10. تكثيف حملات التوعية والتحسيس بشراكة مع المجتمع المدني وتوفير الشروط اللازمة لإنجاح هذه الحملات بما تستلزمه من معدات ولوجستيك (الكمامات، مواد التعقيم، آليات تعقيم الفضاءات العمومية...)
11. انفتاح المديرية الجهوية للصحة على فعاليات المجتمع المدني وتمكينها من المعلومات الضرورية والتعاون معها لتنفيذ الأدوار المنوطة بها خاصة ما تعلق بالتتبع و التقييم والتوعية والتحسيس.
12. تفعيل آليات مراقبة جودة وأثمنة المواد بالمتاجر داخل المستشفيات وفي محيطها.
13. حماية المرضى من كل الممارسات المنحرفة والإسترزاقية التي تفرض عليهم اقتناء الادوية أو المعدات الطبية و الشبه الطبية أو إجراء التحاليل بمؤسسات دون أخرى.
ثانيا : على المدى المتوسط :
1. إخراج المخطط الجهوي للعرض الصحي إلى حيز الوجود وفق مقاربة تشاركية حقيقية طبقا للقانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات.
2. وضع خطة جهوية مندمجة ضامنة للحق في أعلى مستوى صحي لساكنة الجهة.
3. الإسراع ببرمجة إنشاء المستشفى الجامعي بالراشيدية وكلية الطب خلال سنة 2021 وفق المواصفات والمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا.
4. الارتقاء بالمستشفى الإقليمي سيدي حساين بناصر بورزازات لمستوى مركز استشفائي جهوي.
5. تأهيل المستشفيات الإقليمية بالجهة من حيث البنيات والتجهيزات والعنصر البشري المؤهل.
6. تنزيل البنيات الصحية المقررة، والتي عرفت تماطلا غير مبرر كمستشفى الاختصاصات بورزازات المبرمج منذ ميزانية سنة 2019.
7. الإسراع بإخراج اتفاقية تأهيل قطاع الصحة التي لا تزال تراوح مكانها منذ 2016 بين مجلس درعة تافيلالت ووزارة الصحة.
8. إيجاد حلول فعلية لاستقرار الأطر الطبية بالمناطق القروية النائية بالجهة والتي تم إفراغها من الأطباء منذ مدة ليست بالقصيرة دون تعويضهم بآخرين، مما يضاعف من معاناة ساكنة هذه المناطق و يجمع لها بين الفقر والهشاشة ووعورة التنقل في ظروف لا إنسانية لتلقي أبسط الإستشارات الطبية.
9. إعادة النظر في معايير وضع الخريطة الصحية بما يضمن العدالة المجالية و استفادة الجهات من البنيات التحتية بشكل منصف.
10. العمل على تعيين الكفاءات المتمرسة من مناديب اقليمين ومدراء للمستشفيات بشكل رسمي بدل الاكتفاء بمسؤولين بالنيابة، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة وإنزال العقاب المناسب بكل من تبثث مسؤوليته فيما آلت إليه الأوضاع الصحية والوبائية من ازدراء بالجهة.
11. العمل على توفير منظومة صحية متنوعة في عرضها و ملائمة لطبيعة الجهة ( مستشفيات متنقلة وحملات وقوافل طبية بالإضافة لتنزيل منظومة الطب عن بعد /télémédecine .).
12. مجانية العلاج والتطبيب كون غالبية ساكنة الجهة من الفئات الفقيرة في انتظار تعميم التغطية الصحية على جميع الشعب المغربي.
13. خلق مرصد جهوي لتتبع الوضع الصحي والمنظومة الصحية بالجهة.
14. إنجاز دراسات منتظمة حول الامراض المنتشرة بالجهة، ودراسات توفر الاحصائيات والمعطيات الدقيقة حول المرضى والأمراض المزمنة بالجهة.
15. إقرار بنك للمعطيات الصحية وبرنامج للتواصل لتمكين الساكنة والمجتمع المدني من المعلومة وتتبع الوضع الصحي ووضع شكاياتهم واقتراحاتهم، لتحسين وتجويد خدماته.
في انتظار التعاطي الإيجابي مع ما ترمي إليه هذه المذكرة من تصحيح الاختلالات وتدارك كل أنواع وأشكال العجز الذي تعاني منه المنظومة والعرض الصحي بجهة درعة تافيلالت، فإننا نحن الهيئات والفعاليات الموقعة أدناه، نعبر عن استعدادنا للإنخراط التام من موقعنا المدني، في كل المبادرات الجادة والمسؤولة التي من شأنها النهوض بالقطاع الصحي بالجهة بما يضمن حياة وكرامة وحقوق المواطنين والمواطنات وسلامتهم بهذه الجهة. وتقبلوا فائق التقدير والاحترام.
والســـــــــــــلام
التوقيـــــــــــــعات.
نشطاء درعة تافيلالت تواصل مع كاتب العريضة